.

.

الأحد، 9 يناير 2011

سر المسيرات المليونية الكربلائية
كاظم فنجان الحمامي

ربما يتساءل البعض عن سر المسيرات المليونية الزاحفة نحو كربلاء في الظروف الجوية القاسية, ولماذا تحركت هذه الجموع الغفيرة بخطاها المذبوحة على الإسفلت المخذول, وواصلت سيرها على الأقدام في الحقول والبراري, مع علمهم المسبق بأنهم قد يتعرضون إلى الموت بالعبوات والأحزمة الناسفة, أو بتفجيرات السيارات المفخخة, أو بقذائف مدافع الهاون, وغيرها من وسائل الموت, بما فيها تسميم الطعام وتلويث مياه الشرب.


حاول المحللون السياسيون الإجابة على هذه التساؤلات في الفضائيات المتخصصة بزرع الفرقة وبث الفتن والدسائس, وجاءت إجاباتهم متخاصمة تماما مع واقع الحال, ومتأثرة بإيحاءات الحملات الإعلامية السياسية المنساقة وراء النعرات الطائفية, كانوا يظنون إن هذه الملايين الزاحفة نحو كربلاء مدفوعة بتوجهات سياسية مغلفة بغبار الطقوس والمناسك الدينية, وكان يتعين عليهم ان يتعرفوا أولا على التركيبة السيكولوجية العراقية, ويتعمقوا في دراستها، ويشخصوا هذه الظاهرة بمنظار الحكيم المتجرد من التأثيرات المنحازة, وتعين عليهم أن يكونوا خبراء بتقلبات الظروف القاسية التي مر بها الناس في العراق, لكي يدركوا بأن هذه المسيرات المليونية تشكل تحدياً كبيراً للفساد، وأن هذا التحدي يفرض حضوره في جميع مناحي الحياة اليومية. وأنه يتضخم بين الحين والآخر على شكل مسيرات عفوية سلمية متكررة. وأن عظمة هذا التحدي تستدعي ارتقاء الدولة العراقية نفسها إلى عظمة الاستجابة لمطالب الناس البسطاء, بعد أن صارت تلك المطالب أثقل من الأحمال المتراكمة, التي تنوء بها الجبال. لقد تجرد المشاركون في هذه المسيرات من انتماءاتهم الطائفية, وتخلوا عن ولاءاتهم القبلية, وتركوا مشاكلهم الشخصية وراء ظهورهم, وقرروا تنظيم أنفسهم بأنفسهم من دون أن تتدخل الدولة في شؤونهم, ومن دون أن يسمحوا للمنظمات الحزبية باستغلالهم, أو يفسحوا المجال لتوظيفهم في الحملات الانتخابية, فتحرروا من جميع القيود والارتباطات الدنيوية والمادية, وان من يلتقيهم سيكتشف للوهلة الأولى انه يقف أمام تظاهرة احتجاجية تقودها الأغلبية الصامتة, التي خرجت لترميم الهواء الذي هدمته الأحقاد, وربما يقع مغشيا عليه من هول الصدمة, إذا علم بان هؤلاء الناس خرجوا بالملايين لكي يستمدوا القوة والعزيمة من ثورة الحسين في الوقوف بوجه الباطل, وإنهم خرجوا للاعتراض على كل أنواع الفساد.

الثلاثاء، 4 يناير 2011

البلم يقاوم الزمن وانحسار الماء في العراق/
         بقلم ماجد شاكر

تعد أرض الرافدين المهد الأول لصناعة القوارب المتكونة من خشب الأشجار أو خشب الصاج وجذوع النخيل، وهي قوارب استخدمتها الشعوب التي قطنت ضفاف وادي الرافدين للصيد والنقل والنزهة لوجود النهرين دجلة والفرات’، ولما يزل العراقيون يستخدمونها في تنقلاتهم النهرية بالرغم من تراجع صناعتها.
واليوم تزهر هذه الصناعة في مدينتي الفاو والكوفة والسماوة حيث توارثت هذه الصنعة أجيالا كثيرة وانتقلت هذه الحرفة عبر الزمن.


وعن أهم المواد المستخدمة في صناعة هذه القوارب التقينا مسعد الجبوري حيث قال أن الخشب المستخدم في هذه الصناعة يمتاز أولا بقدرته على الطفو فوق سطح الماء وبصموده امام تعريات الزمن والظروف الجوية.
وأضاف.. تختلف أنواع الأخشاب المستخدمة، ف"البلم" الكبير الذي يستخدم للصيد في المسطحات المائية الواسعة يدخل خشب الجاوي الأحمر وخشب الصاج في صناعته، إما أحجام "البلامة الصغيرة" فتستخدم خشب الجام الأبيض كما أن "أضلاع البلم" التي تشبه الهيكل العظمي لسمكه كبيره فتصنع من خشب التوت والسدر (النبكة) والكالبتوز.

واضاف.. حتى أطفالنا يعملون معنا وهم يعرفون الكثير من اسرار هذه المهنة، ويعرفون كيف يضنعون " بلما " لايغرق بسهولة  .


يقول "مهاوش البلام" عن أسعار القوارب انها تتفاوت طبقا لحجمها، فالقوارب الكبيرة التي تزن الطن ونصف الطن يصل سعرها من ثلاثة ملايين إلى ثلاثة ملايين ونصف دينار، وإما "البلم "الصغير فتكون أسعاره من ثلاثمئة ألف دينار إلى خمسمائة ألف دينار وتستغرق صناعة "البلم" الواحد خمسة أيام تقريبا، إما "البلم" الكبير فيستغرق العمل فيه شهرين كاملين.
ويقول.. الآلات الحديثة سهلت عملنا كثيرا ة واختزلت سرعة الانتاج، لكن الزبائن اليوم اقل.
وإذا كان القارب مصنوعا من خشب الصاج فتكون أسعاره مرتفعة بسبب ارتفاع كلفة المواد الداخلة في صناعته.